مدونة فيليبي ماتوس

دراسة لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تكشف عن مفارقة الذكاء الاصطناعي: لماذا قد يؤدي الإفراط في الراحة إلى الإضرار بقدرتنا على التفكير

29 يونيو 2025 | بواسطة ماتوس منظمة العفو الدولية

5MRHUt6t2pqWIGt73pyrI_5bf73d12742e49e9a3887a92b8463986

تخيّل عالمًا تصل فيه الإجابات قبل صياغة الأسئلة بشكل كامل. حيث يكتفي طلاب الجامعات، بدلًا من مناقشة المفاهيم المعقدة، بنسخ الحلول الجاهزة ولصقها. هذا العالم ليس خيالًا علميًا، بل هو واقع يونيو ٢٠٢٥، و... دراسة رائدة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لقد أطلقت للتو ناقوس الخطر بشأن شيء يشتبه به الكثير منا: الذكاء الاصطناعي قد يجعلنا أكثر كسلاً معرفيًا.

الثمن الخفي للراحة الاصطناعية

قام باحثو معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بشيءٍ مُذهل - ومُخيف بعض الشيء. قاموا بمسح أدمغة مستخدمي ChatGPT ووجدوا أن الإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي لا يقلل من المشاركة العقلية فحسب، بل يبدو أنه يضعف قدرة الدماغ على البقاء نشطًايبدو الأمر وكأننا نستعين بمصادر خارجية لأهم عضلاتنا العقلية.

بصفتي شخصًا قضى عقودًا في رصد كيفية تأثير التكنولوجيا على السلوكيات - بدايةً في الشركات الناشئة التي ساهمتُ في تسريعها، ثم في مجال التعليم - أستطيع أن أؤكد لكم أن هذه النتيجة لا تُفاجئني، لكنها تُقلقني بالتأكيد. فنحن نشهد ما يُطلق عليه العلماء "التفريغ المعرفي"، وهي ظاهرة نُسلم فيها العمليات العقلية للآلات لدرجة أن أدمغتنا "تتخلى" حرفيًا عن تعلم كيفية العمل من تلقاء نفسها.


انضم إلى مجموعات WhatsApp الخاصة بي! تحديثات يومية بأهم أخبار الذكاء الاصطناعي و المجتمع النشط والمتنوع. *المجموعات باللغة الإنجليزية.*


ثانية ملاحظات أساتذة الجامعاتإن الأدوات مثل ChatGPT وGemini وDeepSeek "تأسر الطلاب بسرعتها واستجاباتها التي تبدو خالية من العيوب"، ولكنها تفرض ثمنًا باهظًا: تآكل التفكير النقدي والإبداع والقدرة على إنتاج رؤى أصلية.

المفارقة البرازيلية: الابتكار والاعتماد

بينما تواجه الجامعات حول العالم هذه الأزمة المعرفية، تُقدم البرازيل مشهدًا بانوراميًا رائعًا من التناقضات. فمن ناحية، لدينا مبادرات مثل SoberanIA، الذي طورته حكومة بياوي، منصة 100% باللغة البرتغالية تهدف إلى تقليل اعتمادنا على الحلول الأجنبية. من ناحية أخرى، نطبق الذكاء الاصطناعي بذكاء في الكشف عن العيوب الإنشائية في أكثر من 5 آلاف جسر الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا.

وتظهر هذه الحالات أمرا أساسيا: الفرق بين استخدام الذكاء الاصطناعي كعكاز واستخدامه كأداة لتعزيز الذكاء البشريعندما نكتشف شقوقًا دقيقةً غير مرئية في الجسور، فإننا نُعزز قدرتنا على الملاحظة. عندما ننسخ إجابات جاهزة للمقالات الأكاديمية، فإننا نُضعف قدرتنا على التفكير المنطقي.

الجغرافيا السياسية للذكاء الاصطناعي

ولكن هناك سياق أكبر لا يمكننا تجاهله. كشفت صحيفة فولها دي ساو باولو يُحدث الذكاء الاصطناعي فجوة رقمية عالمية جديدة، إذ تسيطر الولايات المتحدة والصين على 90% من قوة الحوسبة المستخدمة في الذكاء الاصطناعي. هذا يعني أنه بينما نناقش آثار التبعية المعرفية، فإن دولًا بأكملها أصبحت تعتمد على البنية التحتية الأجنبية للذكاء الاصطناعي.

وهنا تكتسب مبادرات مثل SoberanIA أهمية استراتيجية. فالأمر لا يقتصر على جعل الذكاء الاصطناعي "مُصنّعًا في البرازيل"، بل يشمل أيضًا ضمان حصول شبابنا على أدوات تُراعي ثقافتنا وطريقة تفكيرنا وتحدياتنا الخاصة.

الفصل الدراسي كساحة معركة معرفية

من خلال تجربتي في العمل مع التعليم المبتكر وتنمية المواهب، لاحظت دائمًا أن التعلم الحقيقي يحدث في منطقة عدم الراحةعندما نواجه مشاكل معقدة، عندما يتعين على عقولنا إقامة روابط غير واضحة، عندما نضطر إلى التفكير بطرق أصلية، فإننا نطور عضلات معرفية دائمة.

المشكلة في أدوات الذكاء الاصطناعي الحالية ليست وجودها، بل في كيفية سماحنا لها باستخدامنا. تُوثّق جامعات هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وكامبريدج كيف يُعاني الطلاب الذين يعتمدون بشكل مفرط على الذكاء الاصطناعي من... ضعف في النمو الفكري، وخاصة فيما يتعلق بالشباب في مرحلة التدريب.

يُذكرني هذا ببدايات استخدام الآلات الحاسبة في المدارس. زعم البعض أنها ستُنهي تعليم الرياضيات. لم يفعلوا، لكنهم غيّروا جذريًا طريقة تدريسنا وتعلمنا للرياضيات. الفرق هو أن الآلات الحاسبة تُجري عمليات حسابية، بينما يُجري الذكاء الاصطناعي المُولّد عمليات التفكير. أو على الأقل يُدّعي القيام بذلك.

ما نخسره عندما نتوقف عن التفكير

عندما نستعين بمصادر خارجية في صياغة الحجج، وإقامة روابط إبداعية، والتشكيك في الافتراضات، فإننا لا نفقد مهاراتنا الأكاديمية فحسب، بل نفقد استقلاليتنا الفكرية أيضًا. وفي عالمٍ حيث الإبداع والتفكير النقدي والقدرة على التكيف إن المزايا التنافسية الحقيقية الوحيدة التي يتمتع بها البشر هي تلك التي تشكل خطورة بالغة.

خلال عملي مع الشركات الناشئة، لاحظتُ كثيرًا أن أنجح رواد الأعمال ليسوا من يمتلكون أفضل الأدوات، بل هم من يجيدون طرح الأسئلة التي لا يطرحها الآخرون. إنهم من يستطيعون رؤية الأنماط بينما يراها الآخرون فوضى، ويربطون بين نقاط تبدو منفصلة.

الطريق إلى التوازن: الذكاء الاصطناعي كمُضخِّم وليس بديلاً

الحل ليس حظر الذكاء الاصطناعي في الجامعات أو شيطنة هذه الأدوات. فهذا أشبه بمحاولة إيقاف فيضان بيديك العاريتين. يكمن الحل في إعادة التفكير في علاقتنا بالتكنولوجيا والأهم من ذلك، أن نعيد التفكير في كيفية تعليمنا وعملنا في عصر الذكاء الاصطناعي.

بعض الاستراتيجيات التي رأيتها ناجحة:

  • الذكاء الاصطناعي كشريك للمناقشة: استخدام الأدوات لتوليد الحجج التي تتعارض مع حججنا، مما يجبرنا على تحسين تفكيرنا
  • الشفافية الكاملة: أعلن دائمًا متى وكيف تم استخدام الذكاء الاصطناعي، مع جعل استخدامه جزءًا من عملية التعلم
  • التركيز على العملية، وليس على المنتج: قدر رحلة الفكر، وليس فقط الإجابة النهائية
  • المشاكل المعقدة والسياقية: خلق تحديات تتطلب المعرفة المحلية والخبرة المعيشية والحدس البشري

مستقبل العمل المعرفي

ما يحدث في الجامعات اليوم يُنذر بما سنراه في سوق العمل غدًا. فالمهنيون الذين يعرفون كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي كمُضخّم لذكائهم سيتفوقون على من يستخدمونه كبديل. الفرق بسيط، ولكنه جوهري.

المصمم الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتوليد 100 نسخة مختلفة من مفهوم ما، ثم يُطبق حكمه الجمالي ومعرفته بالعلامة التجارية لاختيار الخيار الأمثل، يُعزز قدراته. أما المصمم الذي يقبل ببساطة اقتراح الذكاء الاصطناعي الأول، فهو يستعين بخبراته الخارجية.

الدروس المستفادة من المختبر البرازيلي

تُصبح البرازيل مختبرًا مثيرًا للاهتمام لهذه المناقشة. تواجه جامعاتنا نفس التحديات المعرفية التي تواجهها بقية دول العالم، لكننا نعمل أيضًا على تطوير حلول محلية مثل SoberanIA، ونطبق الذكاء الاصطناعي استراتيجيًا في البنية التحتية الحيوية.

مبادرة الجسر ذات دلالة خاصة. هنا، لا يحل الذكاء الاصطناعي محل المهندسين، بل يُمكّنهم من رؤية ما كان غير مرئي سابقًا. تعزيز القدرة البشرية على الملاحظة والتحليل، وليس استبداله.

وهذا يوضح لنا الطريق إلى الأمام: يمكننا أن نجني فوائد الذكاء الاصطناعي دون التضحية باستقلاليتنا المعرفية، طالما أبقينا البشر في مركز القرارات المهمة واستخدمنا التكنولوجيا لتعزيز قدرتنا على التفكير، وليس استبدالها.

لحظة الاختيار

نحن في لحظة محورية. القرارات التالية التي سنتخذها بشأن كيفية دمج الذكاء الاصطناعي في تعليمنا وعملنا وحياتنا ستحدد ما إذا كنا سنصبح جيلًا أكثر ذكاءً أم جيلًا أكثر اعتمادًا على الآخرين.

دراسة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ليست مجرد تنبيه أكاديمي، بل هي دعوة للعمل. نحن بحاجة إلى مُعلّمين يفهمون أصول التدريس والذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى شركات ترى في التكنولوجيا أداةً للتمكين، لا بديلاً عنها. نحن بحاجة إلى سياسات عامة تُعزز الاستقلالية التكنولوجية دون المساس بالاستقلالية المعرفية.

بصفتي شخصًا قضى السنوات الخمس والعشرين الماضية في رصد كيف تُغيّر التكنولوجيا السلوكيات وتُهيئ الفرص، أعتقد أنه لا يزال أمامنا متسع من الوقت لاختيار المسار الصحيح. لكن هذه الفرصة لن تبقى مفتوحة إلى الأبد.

إن الذكاء الاصطناعي الحقيقي في المستقبل سيكون مزيجًا متناغمًا بين القدرة الحسابية والحكمة البشرية. ولن يكون هذا التناغم ممكناً إلا إذا حافظنا على عضلاتنا الإدراكية في حالة جيدة.

في عملي الإرشادي مع رواد الأعمال والقادة، أؤكد دائمًا أن أفضل القرارات تأتي من مزيج البيانات والحدس، بين التحليل والإبداع. يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يزودنا بالبيانات والتحليل. لكن الحدس والإبداع؟ يبقىان ملكنا وحدنا - على الأقل ما دمنا نختار إبقائهما فاعلين.


✨تمت المراجعة بالكامل يمكنك التسجيل من خلال النشرات الصحفية من 10K Digital على بريدك الذكاء الاصطناعي الحديث.

➡️ انضم إلى مجتمع 10K من هنا


منشورات ذات صلة

عرض الكل

عرض الكل
arالعربية